کد مطلب:240867 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:222

اخسأ عنا و عنهم الشیطان
روی الصدوق نسخة وصیة موسی بن جعفر علیهماالسلام المطولة التی نص فیها علی إمامة الإمام الرضا علیه السلام و خلافته من بعده و قد عارضه العباس بن موسی علیه السلام الذی هو أحد الشهود المذكورین فی الوصیة قال [1] قال عبدالله بن محمد الجعفری - بعد الوصیة التی لم نذكرها هنا -:

«قال العباس بن موسی علیه السلام لابن عمران القاضی الطلحی: إن أسفل هذا الكتاب كنزا لنا و جوهرا یرید أن یحتجزه دوننا و لم یدع أبونا شیئا إلا جعله له [2] و تركنا عالة، فوثب إلیه إبراهیم بن محمد الجعفری فأسمعه و وثب علیه إسحاق بن جعفر عمه ففعل به مثل ذلك.

فقال العباس للقاضی: أصلحك الله فض الخاتم و اقرأ ماتحته، فقال لا أفضه لأن یلعننی أبوك. فقال العباس: أنا افضه. قال: ذلك إلیك -، ففض العباس الخاتم فإذا فیه إخراجهم من الوصیة و إقرار علی - علیه السلام - فیها وحده، و إدخاله إیاهم فی ولایة علی إن أحبوا أوكر هو او صار و اكالأیتام فی حجره، و أخرجهم من حد الصدقة و ذكرها.

ثم التفت علی بن موسی - علیهماالسلام - إلی العباس فقال: یا أخی إنی لأعلم أنه إنما حملكم علی هذه، الغرم و الدیون التی علیكم، فانطلق یا سعد فعین لی ما علیهم و اقض عنهم و اقبص ذكر حقوقهم، و خذلهم البراءة فلا و الله لا أدع مواساتكم و بركم ما أصبحت و أمشی علی وجه الأرض فقولوا ماشئتم.

فقال العباس: ما تعطینا إلا من فضول أموالنا، و ما لنا عند أكثر فقال - علیه السلام -: قولوا ما شئتم فالعرض عرضكم، اللهم أصلحهم و أصلح بهم، و اخسأ عنا و عنهم الشیطان و أعنهم علی طاعتك و الله علی ما أقول وكیل.

قال العباس: ما اعرفنی الله بلسانك، و لیس لمسحاتك عندی طین، ثم إن



[ صفحه 24]



القوم افترقوا». [3] .

إن صح خبر الصدوق فالعباس بن موسی علیه السلام: منحرف لمعارضته لإمامة الرضا علیه السلام.

قال الأستاذ الخوئی:

عارض أخاه علی بن موسی بن جعفر علیهم السلام فی وصیة أبیه، و شكا إلی القاضی أبی عمران الطلحی [4] و خالف أباه فی وصیته و فض الخاتم مع أن موسی بن جعفر علیهماالسلام لعن من فضه، الكافی: الجزء 1، باب الإشارة و النص علی أبی الحسن الرضا علیه السلام 72، الحدیث 15 و العیون الباب 5، الحدیث 1. [5] و هو دام ظله توقف فی انحراف الرجل لضعف الروایتین عنده.

أقول ضعفهما ممنوع و بیانه موكول إلی موضعه، و موجزه أن طریق الصدوق لهذه الروایة معتبرة عندنا و إن كان الدوران فی الأخذ بإحدی النسختین عند اختلافهما كما فی المقام الترجیح مع نسخة الكافی إلا أن ذلك بعد اعتبار الطریقین فتدبر جیدا، مع أنهما بناء علی اعتبار وثاقة الروایة لاوثاقة الراوی فحسب كلتا هما معتبرتان عندنا.

ثم الكلام علی تقدیر اعتبار الروایة حول كلمة: «اخسأ عناوعنهم الشیطان» و إن لم تكن مثلا أو لم یرسلها الإمام الرضا علیه السلام كذلك ولكنها من التمثیل و التشبیه بالكلب لأنها تقال علیه عند إبعاده و طرده و قدجاءت الكلمة فی دعاء عرفة للإمام الحسین علیه السلام نقله ابن طاووس: «و اخسأ شیطانی» [6] و فی القرآن الكریم فی زجر أهل النار: «قال اخسؤا فیها و لاتكلمون». [7] .

قال الفیض: اسكتوا سكوت هوان، فإنها لیست مقام سؤال من خسأت الكلب إذا زجرته فانزجر. [8] .



[ صفحه 25]



قال ابن منظور:

الخاسی ء من الكلاب و الخنازیر و الشیاطین: البعید الذی لایترك أن یدنومن الإنسان. و الخاسی ء: المطرود. و خسأ الكلب یخسؤه خساء و خسوء فخسأ و انخسأ: طرده قال:

-كالكلب إن قیل له اخسأ انخسأ-

و فی الحدیث: فخسأت الكلب أی طردته و أبعدته... و یكون الخاسی ء بمعنی الصاغر القمی ء و یقال و اخسأ عنی.

و قال الزجاج فی قوله عز و جل: «قال اخسؤا فیها و لاتكلمون»: [9] معناه تباعد سخط. و قال الله تعالی للیهود: «كونوا قردة خسئین» [10] أی مدحورین و قال الزجاج: مبعدین... و خسأ بصره... إذا سدر و كل و أعیا.

و فی التنزیل: «ینقلب إلیك البصر خاسئا و هو حسیر». [11] [12] .

إذا بان معنی الكمة تجلی المراد من الدعاء أی یارب ادحر الشیطان عنی و عن العباس المدعی مالا حق له فیه فإن ذلك من عمل الشیطان أن یجعل الإنسان یدعی ما لیس له، و أما عنه علیه السلام فهو مجرد دعاء أودعاء للاستمرار لأنه معصوم حتی عن وسوسة الشیطان علی مذهب الشیعة و البحث مشبع فی موضعه المتاح.

و أما قول العباس: و (لیس لمسحاتك عندی طین) فهومن الأمثال السائرة جمعها المساحی أی المجرفة من الحدید. [13] .



[ صفحه 26]




[1] الشيخ الصدوق.

[2] أي الإمام الرضا عليه السلام.

[3] عيون أخبار الرضا 30 - 29/1.

[4] و هو قاضي المدينة كما في نسخة الكليني. الكافي 317:1.

و قد ذكرنا المعارضة عندالمثل: «إن كان شرا فشرا، و ان كان خيرا فخيرا» حرف الهمزة مع النون و للرضا عليه السلام نظير المثل أيضا: «إن خيرا فخير، و إن شرا فشر». حرف الهمزة مع النون.

[5] معجم رجال الحديث 246:9.

[6] الإقبال 342، في هامشه خسأت الكلب خسأ: طردته.

[7] المؤمنون: 108.

[8] تفسير الصافي 150:2.

[9] المؤمنون: 108.

[10] البقرة: 65.

[11] الملك: 4.

[12] اللسان 65:1 في (خسأ).

[13] النهاية 328:4، في (مسح)، و فيه الميم زائدة؛ لأنه من السحو: الكشف و الإزالة. و المثل مشهور علي الألسن.